تحدث عنه العلماء وباحثو المستقبل وكتّاب الخيال العلمي لما يزيد عن قرن من الزمن، و تخيل وجوده محبو الخيال العلمي والمهتمون بالمستقبل طوال فترة مماثلة. إنه السلاح المتنقل الموجه للطاقة والقادر على إخفاء أعدائك أو تحويلهم إلى كومة من الرماد.

تكررت الفكرة كثيراً على مدى العقود الماضية من مسدسات أشعة الليزر إلى المدافع إلى أسلحة الجسيمات. وعلى الرغم من كون هذه الأسلحة موجودة في الخيال العلمي، إلا أنها مستوحاة أساساً من حقائق علمية. فقد عمل العلماء منذ بداية القرن العشرين على تطوير أسلحة فعالة موجهة للطاقة بناءً على أفكار قدمها العديد من المخترعين والعلماء.

تعريفها

شعاع الموت هو شعاع من جسيمات نظرية أو كهرومغناطيسية تستخدم كسلاح، وقد اقتُرح بشكل مستقل في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي من قِبل علماء مختلفين. بناءً على هذه الاقتراحات، بدأت الأبحاث القائمة على أسلحة معتمدة على الطاقة. وبالرغم من أن الأمثلة على هذه الأسلحة تأتي أساساً من الخيال العلمي، فإن العديد من التطبيقات والمقترحات ظهرت خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
تاريخها
ادعى العديد من العلماء في القرن العشرين بأنهم صنعوا أشعة الموت. فعلى سبيل المثال، في أيلول/سبتمبر من عام 1924 حاول المخترع البريطاني هاري جرندل ماثيوز (Harry Grindell-Matthews) بيع ما ذكر أنه أشعة موت قادرة على تدمير الحياة البشرية وإسقاط الطائرات عن بُعدٍ إلى وزارة الطيران البريطانية.

وعلى الرغم من عجزه عن صناعة نموذج أولي أو عمل عرض لسلاحه للجيش، فإن الأنباء دفعت المخترع الأمريكي إدوين آر سكوت (Edwin R.Scot) للادعاء بأنه أول من طور أشعة الموت. وتبعاً لسكوت، فإنه نجح في فعل ذلك في عام 1923 وقد كانت ثمرة 9 أعوام قضاها كتلميذٍ وتابعٍ لتشارلز بي شتاينمتز (Charles P. Steinmetz)، وهو بروفيسور أمريكي من أصل ألماني في يونيون كولج في نيويورك (Union College, New York).

في عام 1934، ادعى المخترع الإسباني أنتونيون لونجوريا (Antonion Longoria) بأنه اخترع أشعة موت واختبرها على الحمام على مسافة تقارب 6.5 كم، وادعى أيضاً بأنه قتل فئران كانت موجودة في حجرة معدنية سميكة في الجدران.


ولكن الشخص الوحيد الذي وفر إطاراً مفصلاً لهذا الجهاز هو العالم نيكولا تسلا (Nikola Tesla)، ففي مقابلة مع مجلة التايمز فسر تسلا مبدأ (القوة عن بعد) أو بكلمات أخرى الطاقة الموجهة، واصفاً جهازاً قادراً على تدمير أسراب من الطائرات أو حتى جيشاً كاملاً على بعد 400 كم.
حاول تسلا إثارة اهتمام إدارة الحرب الأمريكية وعدة دول أوروبية أخرى بالجهاز في ذلك الوقت، لكنه لم يتفق مع أي منهم لبناء هذا الجهاز. كما وصف تسلا اختراعه في مقال بعنوان "آلة لإنهاء الحرب" والتي نشرت في مجلة Liberty Magazine عام 1935:

"اختراعي هذا لا يستخدم ما يسمى أشعة الموت، لا يمكن تطبيق فكرة الأشعة لأنه لا يمكن إنتاجها بالكميات المطلوبة ولأن شدتها تقل مع زيادة المسافة التي تقطعها. إذا حولت كل الطاقة في مدينة نيويورك والمقدرة بـ 2 مليون حصان إلى أشعة وأطلقت لمسافة عشرين ميلاً، فإنها لن تستطيع قتل إنسان واحد! فتبعاً لأحد القوانين الفيزيائية المعروفة، ستتبدد الأشعة على طول هذه المسافة لتصبح في النهاية غير فعالة.



جهازي قادر على إطلاق جسيمات قد تكون كبيرة نسبياً أو ذات حجم دون مجهري، لتوصلنا إلى مساحة صغيرة وبعيدة عنا وبطاقة تعادل تريليونات المرات مما يمكن أن يحمله أي نوع من أنواع الأشعة. آلاف الأحصنة من الطاقة يمكن بثها بتيار أرفع من الشعرة لا يمكن لأي شيء مقاومته".

بناءً على هذا الوصف، سيتكون الجهاز من برج كبير مثبت فوق بناء في موقع قريب من الشاطئ أو من المنشآت الحيوية. يدعي تسلا بأن هذا السلاح سيكون دفاعياً بشكل طبيعي ليجعل أي أمة تستعمله منيعة ضد الهجمات من الجو أو البر أو البحر عن مسافة تصل إلى 322 كم.

خلال الحرب العالمية الثانية، تواجدت العديد من الجهود من قبل دول المحور لصنع أشعة الموت. فعلى سبيل المثال، أنشأت اليابان الإمبراطورية مصطلح "Ku-Go" والذي ينص على استعمال أشعة المايكروويف المنتجة بكميات كبيرة كسلاح.

وفي نفس الوقت، بنى النازيون مشروعين أدير أحدهما من قبل الباحث المعروف بشايبولد (Schiebold) والذي تضمن مسرع جسيمات وقضبان بيريليوم. المشروع الثاني والذي قاده الدكتور رولف وايدرو (Dr. Rolf Wideroe) وقد طور في مختبر درسدن لفيزياء البلازما إلى أن قُصف في شباط/فبراير من عام 1945. وفي نيسان/أبريل من العام ذاته استحوذ الجيش الأمريكي على الجهاز.

في السابع من كانون الثاني/يناير عام 1943، مات المهندس والعالم نيكولا تسلا في غرفته في فندق نيويوركر في منهاتن، تبلورت سريعاً قصة تتمحور حول وجود أوراق علمية في غرفته توفر تفاصيل دقيقة عن أشعة الموت، وقالت الادعاءات بأن هذه الأوراق صودرت من قبل الجيش الأمريكي الذي أراد الحصول عليها لاستغلالها في الحرب.

أمثلة من الخيال العلمي

كانت بنادق الأشعة وأمثلة أخرى على أسلحة الطاقة الموجهة سمة شائعة في الخيال العلمي لمدة تزيد عن القرن. إحدى أولى الأمثلة عليها كتاب حرب العوالم (War of the Worlds) الذي كتبه إتش.جي.ويلز (H.G. Wells)، والذي يصف فيه آلات الحرب القادمة من المريخ التي تستعمل أشعة حرارية، ولكن الاستعمال الأول لمصطلح أشعة الموت يأتي من مسيح الأسطوانة (The Messiah of the Cylinder) في عام 1917 للكاتب فكتور روسويو إيمانيويل (Victor Rousseau Emanuel).

كما كانت بنادق الأشعة موجودة في الكتب الهزلية مثل باك روجرز (Buck Rogers) والتي نشرت في عام 1928 وفلاش جوردون (Flash Gordon) المنشور في عام 1934. في رواية الرجل الأخير (The Last Man) للكاتب ألفريد نويز (Alfred Noyes) تطور أشعة موت من قبل عالم ألماني يدعى موردوك وتطلق في حرب عالمية يكاد يمحي فيها الوجود البشري عن سطح الارض.
وضع مصطلح القاذفات (blaster) من قبل إسحق أسيموف (saac Asimov) في سلسلته الأسس (The Foundation Series) التي وصفها بأنها أسلحة محمولة تعمل بالطاقة النووية تطلق جسيمات ذات طاقة. في سلسة فرانك هيربرت (Frank Herbert) التي تحمل اسم سلسلة ديون (Dune series) تأخذ أسلحة الطاقة شكل أسلحة ليزر متتابعة الموجة ليتوقف استعمالها لاحقاً بعد اختراع ما سماه المؤلف دروع هولتزمان.

وفقاً لهيربرت، فإن التفاعل بين قاذفات الليزر وبين هذا الدرع ينتج عنه انفجار نووي يقتل كلاً من مستخدم القاذف ومستخدم الدرع، كما يمكن إيجاد أمثلة على أشعة الموت في أي عمل من أعمال الخيال العلمي ابتداءً من سلسة ستار ترك التي تحتوي على (phasers) إلى قاذفات الليزر الموجودة في سلسلة أفلام حرب النجوم إلى مدافع الأشعة المثبتة على المركبات الفضائية.

التنمية الحديثة
عند الحديث عن التطبيقات الواقعية، فإن هناك العديد من المحاولات التي تمت لصناعة أسلحة طاقة موجهة للأغراض الهجومية والدفاعية. فعلى سبيل المثال، إن اختراع الرادار قبل الحرب العالمية الثانية كان نتيجة محاولات لإيجاد تطبيقات للأشعة الكهرومغناطيسية الموجهة (في هذه الحالة موجات الراديو).

في ثمانينيات القرن الماضي اقترح الرئيس الأمريكي رونالد ريغان مبادرة الأسلحة الدفاعية الاستراتيجية Strategic Defense Initiative (SDI)او اختصارا ، والتي كنيت أيضاً بـ "حرب النجوم". تقترح المبادرة بأنه من الممكن استعمال الليزر -أو بالأحرى ليزر أشعة سينية موجود في الفضاء- لتدمير الصواريخ العابرة للقارات أثناء طيرانها. في حرب العراق استعمل الجيش الأمريكي أسلحة طاقة كهرمغناطيسية من ضمنها أسلحة مايكروويف عالية الطاقة لتدمير وتشويش الأنظمة الإلكترونية العراقية.
في 18 آذار/مارس من عام 2009، أعلنت شركة نورثروب غرومان (Northrop Grumman) بأن مهندسيها في شاطئ رودوندو قد نجحوا في بناء واختبار ليزر كهربائي قادر على إنتاج 100 كيلو واط من أشعة الضوء، أي بمقدار كافٍ لتدمير صواريخ كروز والقذائف والصواريخ. وفي 19 تموز/يوليو من عام 2010، كشف عن ليزر مضاد للطائرات في عرض فارنبورو Farnborough للطيران وصف بأنه "نظام القضاء على الأسلحة الليزري".

وفي عام 2014، لمع اسم البحرية الأمريكية على عناوين الصحف عندما كشفوا عن نظامهم السلاحي الليزري AN/SEQ-3 وهو سلاح موجه للطاقة صمم للاستخدام على متن سفن عسكرية. ظاهرياً، إن الهدف من السلاح دفاعي، وهو مصمم ليعمي مستشعرات الأعداء (عند ضبطه على شدة منخفضة) أو إسقاط الطائرات دون طيار عند ضبطه على شدة عالية.

بعد ذلك ظهرت أنظمة الصد الفعال (Active Denial Systems) والتي تستعمل مصدر أشعة مايكرويف لتسخين الماء في جلد الهدف مما يسبب ألماً جسدياً. يتم حالياً تطوير هذا المبدأ من قبل مختبر أبحاث سلاح الطيران الأمريكي وشركة ريثيون (Raytheon) وهي شركة مقاولات دفاعية خاصة ليتم استعماله كسلاح لمكافحة الشغب.

أحد الأشكال الأخرى لأسلحة الطاقة الموجهة هو دازلر (المبهر، Dazzler)، وهو يستعمل الأشعة تحت الحمراء أو الضوء المرئي ليعمي الأعداء مؤقتاً. يمكن استعمال هذا السلاح ضد البشر أو ضد المستشعرات الخاصة بالأعداء وخصوصاً مستشعرات الأشعة تحت الحمراء. يصدر هذا السلاح الليزر عادةً (ومن هنا جاء مصطلح الليزر المبهر) ويمكن أن يكون محمولاً أو مثبتاً على سطح مركبة كما في الدبابات الروسية T-80 وT90.
مثال آخر هو بندقية الإعاقة والتحفيز الشخصية The personnel halting and stimulation response rifle او اختصاراً (PHASR) وهي نموذج أولي لليزر مبهر غير مميت طور من قبل إدارة مختبر أبحاث الطاقة الموجهة التابعة لسلاح الجو الأمريكي. هدفه إعطاء العسكريين القدرة على تضليل وتعمية الهدف دون التسبب بضرر دائم.

حظرت الأسلحة التي تسبب عمى دائماً تحت بروتوكولات الأمم المتحدة المتعلقة بأسلحة الليزر المعمية التي وضعت عام 1995. ولكن شروط هذه البروتوكولات لا تنطبق على أسلحة الطاقة الموجهة التي تسبب عمى مؤقتاً فقط.

لقد سلكنا طريقاً طويلاً منذ أن أصبح مصطلح بندقية الأشعة شائعاً في المنازل، على هذه الوتيرة لا يعلم أحد ما سيخبئه لنا المستقبل. هل سنرى أقماراً صناعيةً للطاقة الموجهة في مدار حول الأرض؟ أو هل سنرى أسلحة ليزر محمولة كجزء من أسلحة القوات المسلحة ومستكشفي الفضاء؟ من الصعب معرفة ذلك ولكن يمكننا القول بأن الحقيقة ستكون أغرب من الخيال!