العبادة وحقيقتها

أولا : تعريف العبادة :
قال ابن كثير رحمه الله: " العبادة في اللغة: من «الذلَّة»
وفي الشرع: عبارة عمّا يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف "
وقال ابن القيم – رحمه الله – في النونية:
        وعبادة الرحمن غاية حبِّه
                           مع ذلِّ عابده هما قطبان

       عليهما فلك العبادة دائرٌ
                          ما دار حتى قامت القطبان

      ومدارُه بالأمر أمر رسوله
                          لا بالهوى والنفس والشيطان(1)


ثانيا : أركان العبادة :ثلاثة ( المحبة – الرجاء – الخوف )

الركن الأول- المحبَّة:
والمراد بها أن يكون العبد مُحبًا لله تعالى، لذا يفعل العبادات بدافع محبته لله وخوفه ورجائه له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
" لكن العبادة المأمور بها تتضمَّن معنى الذلِّ ومعنى الحب؛ فهي تتضمَّن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له .
ودليل المحبة قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ...) (2)


الركن الثاني- الرجاء:
والرجاء من الأمل نقيض اليأس.
قال ابن القيم رحمه الله: " الرجاء: حادٍ يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب، وهو الله والدار الآخرة، ويطيِّب لها السير .
فعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي...» رواه الترمذي وقال حديث حسن (3)

الركن الثالث- الخوف:
فكما أنَّ المسلم يعبد ربَّه تبارك وتعالى حبًّا له ورجاءً لثوابه وطمعًا في جنته، فإنه كذلك يعبده خوفًا من عقابه وحذرًا من ناره .
قال أبو القاسم الجنيد( 4): هو توقع العقوبة على مجاري الأنفاس.
قال تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)(5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح القصيدة النونية (1 / 99) شرح الشيخ محمد خليل هراس. ط: الأولى – دار المكتبة العلمية – بيروت.
(2) سورة البقرة آية 165.
(3) سنن الترمذي , أبواب الدعوات , باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله بعباده (5/440).
(4) هو الإمام المحدث أبو القاسم الجنيد القايني نزيل هراة ولد عام (466هـ) سمع الحديث من علماء هراة ومرو وغيرهما كان فقيهًا محدثًا موصوفًا بالعبادة مات سنة 547 هـ ينظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (20/272)، الوافي بالوفيات (11/203)، وطبقات السبكي (7/54).
(5) سورة فاطر آية 28.